التكامل لا التماثل

الوصف:


صورة القسم 1

التكامل ظاهرة نلحظها في كل مكان في الطبيعة، ولا نجانب الصواب إن قلنا إن البيئة تحمل معنى التكامل في داخلها، فكل شيء مرتبط بكل شيء تقريباً، والأمثلة على ذلك معروفة مشهورة، لقد قرر علماء النبات أننا إذا زرعنا (في كثير من الأحيان) نباتين بالقرب من بعضهما فإن جذورهما تتداخل وتحسن من حالة التربة فينمو النباتان بصورة أفضل، وعلمتنا مناهج التعليم الرسمية أن العصي مجتمعة لا تنكسر لكنها إن تفرقت تكسرت أحاداً

ولا يوجد إنسان يستطيع أن يستقل بنفسه دون احتياج إلى أحد، ومصداق ذلك أن أحد السلف رضوان الله عليهم سمع أحدهم يدعو ويقول: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال له يا هذا، ما هكذا يكون الدعاء فإن المرء لابد يحتاج للآخرين، ولكن قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك؛ ذلك أن الله جل وعلا خلق الناس مختلفين، ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سُخريا، وليحدث بينهم التكامل والتعاون عن أريحية نفس وطيب خاطر. وإلا فالتكامل يحدث بدرجة من الدرجات شاء الناس أم أبوا كما قال الشاعر:

الناس للناس من بدوٍ وحاضرة *** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ

ولب التكامل والتعاون هو أن نُثَمِّن الفروق بيننا ونحترمها ونتخذها نقطة قوة، نقوي بها نقاط الضعف الأخرى .

إن البحث عن خيار ثالث نقلة كبيرة في التصور بعيداً عن الحدية وعقلية ليس إلا هذا أو الطوفان في التفكير، انظر كم من الطاقة نستنفد و كم من الوقت نقضي عندما نحاول حل المشكلات أو اتخاذ القرارات منفردين مستقلين غير متعاونين مع الآخرين، متحفزين لحماية ظهورنا وإكثار الظن والتخمين.

الخائفون من الناس وحدهم هم الذين يظنون أن الواقع يجب أن يوافق تصوراتهم، وتتملكهم رغبة شديدة في استنساخ آخرين أمثالهم في التفكير أو تحويل الآخرين للتفكير وفق حرفيتهم المطلقة، ولا يدركون أن قوة العلاقة تكمن في وجود وجهة نظر أخرى، فرق بين الوحدة والتماثل، فرق بين التناسق والتوحيد: الوحدة فيها تكامل؛ جزء يكمل آخر حتى نصل للشكل الكبير، بينما التماثل تكرار لا إبداع فيه؛ والله يقول : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ...}