من مفارقات اللبراليين ومن تبعهم

الوصف: أحد الكتاب في المنتديات الثقافية كان منهمكا في الحديث عن خطأ الإسلاميين في" الموقف من الآخر"، وأنه خطأ تار


صورة القسم 1

أحد الكتاب في المنتديات الثقافية كان منهمكا في الحديث عن خطأ الإسلاميين في" الموقف من الآخر"، وأنه خطأ تاريخي يجب تصحيحه، ويتحدث كثيرا عن أن سائر مخالفي الإسلاميين (الكفار، والعلماني، والليبرالي ، والشيعي إلخ)، كلهم يجب احترامهم ،واللطف معهم في الخطاب؛ والبحث عن مشتركات معهم؛ ويحاول أن يدلل على ذلك باجتزاءات من السيرة النبوية.
ثم شاهدت لهذا الكاتب نفسه ، حوارا انفعل فيه، وبادل شاتمه بسباب مماثل، بل كان سبابا ولعنا متواصلا، فقلت في نفسي: كيف يدعو للتساهل مع من يقدح في الشريعة، ولا يقبل التسامح مع من يقدح في ذاته؟ كيف تكون نفس الإنسان أغلى عليه من خالقه ، ودينه؟.

وقد تحدث عن هذه الصورة الجاحظ في القرن الثالث الهجري حيث قال :(يصول أحدهم على من شتمه، ويسالم من شتم ربه).
أمثال الكاتب الآنف الذكر تحولوا إلى إصبع اتهام مشهر في وجه دعاة الإسلام ، لا يكفون عن غمزهم وأنهم ناقصو وعي ، بسبب موقفهم من مخالفي الإسلام والسنة، فباتوا يتحدثون عن خطأ المُنكِر أكثر من فظاعة المُنكَر نفسه ، وصاروا يحملون الدعاة ما لا يحملون الجناة.

ومن المؤسف أن بعض الشرعيين ممن دخلت عليهم شعبة الحرية الليبرالية ، فصاروا يقعون في هذا التناقض العجيب، فإذا قارنت بين مواقفهم ممن انتقص دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وموقفهم ممن انتقص أشخاصهم وذواتهم؛ ففي موقفهم ممن انتقص دين الله وهدي نبيه ؛ لا ترى إلا اللطف، والهدوء ،والدعوة لتفهم الزوايا المضيئة ،والقواسم المشتركة، وفي موقفهم ممن شتمهم في ذواتهم ترى الانفعال ،و العبارات النارية، والحرب الشعواء، فهل يا ترى كانت الأنفس أغلى عندهم من دين الله ، وسنة سيد الأنبياء.

وكم رأينا من رموز الفضائيات من يتحدث عن الهدوء، واللطف، والأرضيات المشتركة، والاجتماع على الكليات.... مع كل مخالف للإسلام مشاقق بعيد المشرب؛ فإذا سئل عن من ينتقد شخصه ،ويقلل من مشروعاته التي يتبنى قال: هؤلاء موتورون ،ووصفهم بضيق الأفق، ونقص الوعي.

فيا للعجب صار خصوم النص الشرعي يبحث معهم عن مشتركات، وخصومك يعانون من ضيق الأفق، وقلة الوعي.
هل صار المسلمون اليوم أوطانهم وعشائرهم أعز عليهم من دينهم ،ونبيهم؟ لقد حدثنا القرآن عن أمم سابقة كانت تراعي الرهط ،والقبيلة ،ولا تراعي قيمة الدين ، من ذلك ما قاله شعيب عليه السلام لقومه :[قال يا قومي أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا ...].
انظر كيف أن قوم شعيب رهطهم أعز عليهم من دين شعيب وربه، وقارن ذلك بكتاب ومتحدثين كثيرين اليوم يرون مجابهة منتقدي وطنهم وسلوك مجتمعاتهم شرفا ، ويرون مجابهة منتقدي الشرع ضيق أفق وقلة وعي.