حكم الزياده فى الذكر على العدد الوارد
الوصف: ستأتينا فى الأذكار ان النبى صلى الله عليه وسلم يقول
ستأتينا فى الأذكار ان النبى صلى الله عليه وسلم يقول " من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين. وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " [راوه أبو هريرة]. فهنا الشارع يحدد عددا للتسبيح والتحميد والتكبير عقب الصلاة على ثلاث وثلاثين فإذا جاء احد وزاد هل يحصل الثواب أم ان ذلك تجوز وهذا لا يجوز، اختلف الفقهاء والعلماء فى ذلك على قولين
فالقول الاول: ان الزيادة فى الذكر على العدد الوارد لا تكره ليست مكروهة بل يحصل له الثواب المخصوص مع الزيادة والى هذا القول ذهب بعض الحنفية والشافعية والحنابلة واستدلوا فى ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير فى يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسى ولم يأت احد بأفضل مما جاء الا رجل عمل اكثر منه فقول النبى صلى الله عليه وسلم ولم يأت احد بافضل مما جاء منه الا ان يعمل اكثر منه " [رواه أبو هريرة] قال الامام النووى فى شرح مسلم " فيه دليل على انه لو قال هذا التهليل اكثر من مائة مرة فى اليوم كان له هذا الاجر المذكور فى الحديث على المائة ويكون له ثواب اخر على الزيادة وليس هذا - واسمعوا الى هذه العبارة بدقة- وليس هذا من الحدود التى نهى عن اعتدائها ومجاوزة اعدادها وان زيادتها لا فضل فيها او تبطلها كالزيادة فى عدد الطهارة والزيادة فى عدد ركعات الصلاة فمثل هذا ورد النهى فيه وفى تعدى ما جاءت به السنة و جاء به الشرع الرشيد قال فمثل هذا التزود فيه جائز الزيادة فيه " واستدلوا ايضا بان الذكر مشروع فى الجملة فهو يشبه المقدر فى الزكاة اذا زاد عليه يعنى عليه نصاب يؤديه فان اراد الزيادة تصدقا فلا حرج فى مثل ذلك. ا
القول الثانى: الزيادة فى الذكر على العدد الوارد مكروهة اما اصحاب القول الثانى فى المسألة فقالوا بأن الزيادة فى الذكر على العدد الوارد مكروهة والى هذا القول ذهب بعض الحنفية ونقل عن بعض العلماء كالقرافى نقل ذلك ابن علان فى كتابه الفتوحات الربانية وهذا كتاب مهم من الكتب ولكن سوف نتكلم عن منهج ابن علان لأن ابن علان له بعض الامور التى لا يتسامح معه فيها، فابن علان كان اشعري العقيدة كتابه كتاب مهم فيما نحن بصدده الفتوحات الربانية شرح الاذكار النووية اى شارح لكتاب الاذكار للامام النووى ذكر ان القرافى ممن قال بهذا القول وايضا الحافظ ابن حجر فى فتح البارى ونقل كذلك الحافظ عن بعض اهل العلم فى الفتح قالوا بان الاعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات كما تقدم اذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الاتى بها على العدد المذكور لا يحصل بها ذلك الثواب المخصوص لاحتمال ان يكون فى لتلك الاعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة هذا العدد. يعنى اذا قال احد خمس وثلاثون مرة لا ثلاث وثلاثون أو قال عدد زاد عن العدد الذى سنه النبى صلى الله عليه وسلم قالوا بان هذا يحتمل ان يكون فيه مزية لا نعرفها وحكمة لا ندرى بها فاذا زاد فاته الاجر فلذلك قالوا بالكراهة، لكن لا شك فى هذا الكلام نظر لان الذى فعل هذا قد جاء بالمقدار الذى رتب الشرع الثواب على الاتيان به فحصل له الثواب بذلك فاذا زاد عليه من جنسه كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله. ثم ان فيه سوء ادب لأن حد العظماء اذا قالوا شيئا ان يوقف فيه ويعد عدا يعنى هم ايضا يقولون ان فى التزيد سوء ادب لان العظماء اذا حدوا شيئا ان يوقف عنده و يعد عد الخارج عنه مسيئا للادب ونوقشوا ايضا فى هذا الاستدلال بان ذلك لا يعد سوء ادب لانه ليس من الحدود او الاشياء المقيدة شرعا التى لا يتسامح فى الزيادة فيها كعدد الصلوات المفروضات او عدد الصلوات، وانما هو من قبيل المستحبات التى اذا زاد الانسان فيها زاد ثوابه و قال بعضهم انه مثل الدواء اذا زيد فيه على قانونه يصير داء وبانه كالمفتاح اذا زيد على اسنانه لا يفتح ونوقشوا ايضا بان هذا قياس مع الفارق فالذكر اذا زاد على عدده يحصل باذن الله الثواب و زيادة.
الراجح فى هذه المسألة والذى يجمع بين الصواب فى القولين فى هذه المسألة ما ذكره الحافظ ابن حجر من قوله انه يمكن ان يفترق الحال فيه بالنية فان نوى عند الانتهاء اليه امتثال الامر الوارد ثم اتى بالزيادة يعنى احدهم يسبح فقال سبح الثلاث وثلاثين الواردين عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم زاد بعد ذلك على العدد يعنى أتى بما ورد ثم زاد لكى يزيد فى الاجر فصنع المأمور ثم زاد لتحصيل الأجر فان زاد بنية فلا بأس اما ان زاد بغير نية بان يكون الثواب رتب على عشرة مثلا فقال انا سأرتبه على مائة اذا كان لو قالها عشر مرات حصل كذا يقول انا لا تنفعنى هذه العشر ساجعلها مائة ويظن ان الثواب لن يحصل له بالعشرة وانما يحصل له بالمائة فهذا زاد ومن هنا تقع المخالفة لان الشرع قال قل كذا بعدد كذا فقال لالا هذا لا يصلح فى حقى انا ساقولها كذا حتى يحصل لى كذا هنا تكون المخالفة و هنا لا ينبغى بحال ان يزيد الانسان على العدد الوارد و هنا تأتى الكراهة على قول من قال بذلك،، اما على القول الراجح فهو القول الاول بان الزيادة فى الذكر على العدد الوارد لا تكره والله تعالى اعلى واعلم.
شرح الوابل الصيب للشيخ هانى حلمى