الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
الوصف: ١-فضلها ومنزلتها.٢-الأوقات والأحوال.٣-أفضل الصيغ.الهدف من الخطبة:التذكير بهذه العبادة الجليلة، وهذا الحقِّ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على أمَّته بالصلاة والسلام عليه، والحث على الإكثار من ذلك في كل وقت.
الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
١- فضلها ومنزلتها.
٢- الأوقات والأحوال.
٣- أفضل الصيغ.
الهدف من الخطبة:
التذكير بهذه العبادة الجليلة، وهذا الحقِّ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على أمَّته بالصلاة والسلام عليه، والحث على الإكثار من ذلك في كل وقت.
مقدمة ومدخل للموضوع:
• موعدنا اليوم، مع ذكرٍ من أفضل ما ينطق به اللسان، وأفضل ما تطيب به المجالس؛ وهل تطيب المجالس إلا بالصلاة والسلام على خير الأنام؛ سيدنا وحبيبنا محمدٍ عليه أفضل الصلاة والسلام؟
موعدنا مع ذكرٍ أمر به الله تعالى أهل الأرض وأهل السماء؛ حيث قال جل في علاه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
• فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قُربة جليلة، وعبادة عظيمة، وفي الإكثار منها أجور كبيرة؛ فهي التجارة الرابحة لكسب الحسنات، ورفع الدرجات، فقد روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((فإنه من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشرًا)).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى عليَّ صلاةً واحدةً، صلى الله عليه عشر صلوات، وحُطَّت عنه عشر خطيئات، ورُفعت له عشر درجات))؛ [رواه النسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع].
• وقد عظَّم الله سبحانه وتعالى أجرَ الصلاة على رسوله، وضاعف ثوابها، وكرَّم أصحابها في الدنيا والآخرة.
في سنن النسائي عن أبي طلحة رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه، فقلنا: إنا لنرى البشرى في وجهك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه أتاني المَلَكُ؛ أي: جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، إن ربك يقول: أمَا يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد، إلا صليت عليه عشرًا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرًا)).
• ومَن دَاوَمَ على الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، غُفرت له الذنوب والأوزار، وزالت عنه الهموم والآصار.
فعن أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله، إني أُكْثِرُ الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟! أي: دعائي، قال: ما شئت، قلت: الرُّبُع؟ قال: ما شئت، فإن زدتَ فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكفَى همُّك، ويُغفر لك ذنبك))؛ [رواه أحمد، والترمذي].
قال الشوكاني رحمه الله: "فإنَّ من كفاه الله تعالى همَّ الدنيا سلِم من المحن والعوارض، ومن غفر له ذنبه سلِم من محن الآخرة؛ لأنه لا يُوبق العبد يوم القيامة إلا الذنوب والمعاصي".
وصورة ذلك: لو أن مسلمًا جلس في المسجد للدعاء ما بين الآذان والإقامة، فلو جعل كل هذا الوقت صلاةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكُفِيَ الهمُّ وغُفر له الذنب.
• ومَن داوَمَ على الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، حلَّت له شفاعته يوم القيامة.
ففي سنن الترمذي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاةً)).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا، وحين يمسي عشرًا، أدركته شفاعتي يوم القيامة))؛ [حسنه الألباني].
• ومن داوَمَ على الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، فإنه تصلي عليه الملائكة الأبرار.
روى أحمد وابن ماجه بإسناد حسن عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ((من صلى عليَّ صلاةً لم تَزَلِ الملائكة تصلي عليه ما صلى عليَّ، فليقلَّ عبدٌ من ذلك أو ليكثر)).
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله ملائكةً سيَّاحين يبلغوني من أمتي السلام))؛ [رواه أحمد، والنسائي، والحاكم].
الأوقات والأحوال التي تُستحب فيها الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
• أفضل الأوقات للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلتها:
عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه قُبِض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَض صلاتنا عليك وقد أرَمْتَ؟ يعني: بلِيتَ، فقال: إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء))؛ [رواه أحمد، وأبو داود].
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة أمتي تُعرَض عليَّ في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليَّ صلاةً، كان أقربهم مني منزلةً))؛ [رواه البيهقي].
أفضل الأيام؛ فناسبَ فيه ذكر سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
بعد الأذان:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشرًا)).
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته إلا حَلَّتْ له الشفاعة يوم القيامة))؛ [رواه الترمذي].
قبل الدعاء وبعده:
فإن المشروع أن يبدأ بالثناء على الله تعالى، ثم يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله حاجته.
ففي سنن الترمذي عن فضالة بن عبيد قال: ((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته، فلم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عجِل هذا، ثم دعاه، فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدعُ بعد بما شاء)).
ويقول عمر بن الخطاب: "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم".
في الصباح والمساء:
((من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا، وحين يمسي عشرًا، أدركته شفاعتي يوم القيامة))؛ [حسنه الألباني].
في كل مجلس؛ لأن المجالس التي لا يُذكَر الله تعالى فيها، ولا يُصلَّى على رسوله صلى الله عليه وسلم ذمَّها الله تعالى، ويوم القيامة تكون حسرةً وندامةً على أصحابها.
ففي سنن الترمذي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم، إلا كان عليهم تِرَة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم)).
ومعنى ترة: حسرة وندامة.
وفي رواية: ((ما قعد قوم مقعدًا لا يذكرون الله فيه، ولا يصلون على النبي، إلا كان عليهم حسرةً يوم القيامة، وإن أُدخلوا الجنة للثواب)).
عند ذكر، أو سماع، أو كتابة اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم:
فعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البخيل الذي ذُكِرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ))؛ [رواه أحمد، والترمذي].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجل ذُكرتُ عنده، فلم يصلِّ عليَّ))؛ [رواه الترمذي].
قال الشوكاني رحمه الله: "وفي الحديث دليل على وجوب الصلاة والسلام عليه عند ذكره؛ لأنه لا يدعو بالذل والهوان إلا على ترك واجب".
• في التشهد الأخير وهو ركن من أركان الصلاة.
• بعد التكبيرة الثانية لصلاة الجنازة.
• عند الدخول والخروج من المسجد.
• قبل وبعد الخطب والمواعظ والرسائل، وبعد البسملة.
• عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع إلا ذلك فقط.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أردَّ إليه السلام))؛ [رواه أحمد، وأبو داود].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)).
نسأل الله العظيم أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.
الخطبة الثانية
صِيغ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
• فأما صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهي متعددة، ووردت فيها أحاديث كثيرة؛ منها:
ما ورد في الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، قال: ((خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد)).
ومنها قول: اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.
فهل تعلم أنك تستطيع أن تقول: اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد أكثر من ألف مرة خلال نصف ساعة تقريبًا.
• وفي الختام ننبه على أن كثيرًا من الناس أخرجوا هذا الذكر وهذه العبادة عن مدلولها وآدابها الشرعية؛ فأصبحت الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم خالية المضمون.
فمنهم من يرددها حينما يرى شيئًا يعجبه.
ومنهم من يرددها وهو ينظر إلى ما لا يحل له.
والآخر يرددها والسيجارة في يده.
والآخر لا يتذكرها إلا عند الغضب.
نسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.