وقت اذكار الصباح والمساء

الوصف: فقد اختلف العلماء فى تعيين هذا الوقت اختلافا مشهورا وهذا


صورة القسم 1

فقد اختلف العلماء فى تعيين هذا الوقت اختلافا مشهورا وهذا يرجع الى انه لم يأتى نص صريح عن النبى صلى الله عليه وسلم بأن وقت اذكار الصباح والمساء هو كذا وكذا، فمن اهل العلم من نظر فى تعيين وقت اذكار الصباح والمساء الى اللغة واستعمال العرب فى كلمة صباح ومساء فاستخدم الدلالة اللغوية، ومنهم من نظر الى المعنى الشرعى لكلمة الصباح والمساء ومرادفات ذلك كما جاء فى القرآن وما فسر به علماء التفسير هذه الكلمات، ومن هنا جاء الاختلاف بين اهل العلم فى هذا فاما الاقوال الواردة فى هذا فقد ذكروا اقوالا فى تفسير الصباح و المساء وصلت الى نحو ستة اقوال:

أن الصباح من نصف الليل الى الزوال (الزوال هو وقت زوال الشمس عند وقت الظهيرة) يقولون الصباح من نصف الليل الى الزوال، وان المساء من وقت الزوال يعنى من وقت الظهر الى نصف الليل... يعنى من نصف الليل هو ان تقيس الوقت هكذا مثلا الآن صلاة المغرب على الخامسة وصلاة الفجر على الخامسة ايضا اذن الليل اثنا عشر ساعة، نصف الليل ست ساعات اذن نصف الليل يبدأ من الساعة الحادية عشر اذن الصباح يبدأ من الساعة الحادية عشر ودقيقة الى الزوال الى وقت الظهر الذى هو فى نحو الثانية عشر هذا هو وقت الصباح عندهم وان وقت المساء من وقت الظهر من الساعة الثانية عشر ودقيقة الى الساعة الحادية عشر الا دقيقة هذا عندهم هذا قول....

أن الصباح من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس (الفجر الصادق هو وقت اذان الفجر) وان المساء من الزوال الظهر الى الغروب.

كما ذكر ذلك فى شرح كتاب رياض الصالحين

أن الصباح من طلوع الفجر الى غروب الشمس (يعنى كأنه وقت النهار) والمساء من غروب الشمس الى طلوع الفجر يعنى كأنه الليل، والنهار اى ان الصباح المرادف له النهار والمساء اليل وهذا كان رأى الامام ابن الجزرى.. وكان يقول " وقد أغرب من يقول بان ذكر المساء يدخل بالزوال "، اين هذا المساء.. اين الليل الذى يجعله كذلك.. ونقل عنه ابن علان فى كتاب الفتوحات الربانية ونسب اليه القول بذلك من قوله " من قال ان ذكر المساء يدخل بالزوال فكيف يعمل فى قوله اسألك خير هذه الليلة " اى اذكار المساء اسألك خير هذه الليلة.. أين الليلة لمن يقول انه من وقت الظهر " وهل تدخل الليلة الا من وقت الغروب "، كان يرى ان هذا المعنى هو الصحيح.

أن الصباح من اول النهار الى طلوع الشمس وان المساء من اول الليل الى منتصف الليل، من اول النهار الى طلوع الشمس يعنى الوقت الذى هو وقت الفجر الى شروق الشمس وان المساء من اول الليل الذى هو المغرب الى منتصف الليل كما بينت ذلك وهو رأى صاحب القاموس... و كذا اتجه اليه الامام ابن حجر العسقلانى فى فتح البارى.

ان الصباح من بعد صلاة الصبح، لاحظوا لم نقل من طلوع الفجر انما من بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وان المساء من بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وهذا هو اصح الاقوال وهو رأى الامام النووى كما فى كتابه الاذكار وايضا فى رياض الصالحين وهو رأى جماعة من العلماء المعاصرين كأمثال شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله وفضيلة الشيخ بكر او زيد فى كتابه تصحيح الدعاء وشيخنا المقدام شيخنا محمد بن اسماعيل المقدم كما فى كتابه الخطب الفصيحة فى الاذكار والأدعية الصحيحة وغيرهم من أهل العلم.

و من اصحاب هذا القول من يرى أن اذكار المساء قد تمتد الى منتصف الليل او الى قبيل النوم و راجعوا فى ذلك كلام الشيخ بكر ابوزيد فى تصحيح الدعاء والشيخ عائض القرنى فى كتابه ورد المسلم والمسلمة وايضا اذكار واداب الصباح والمساء لشيخنا الجليل محمد بن اسماعيل.

قول الله جل وعلا{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا(130)} [طه]، فقوله جل وعلا {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} قال الامام ابن كثير " يعنى صلاة الفجر وقبل غروبها قال يعنى صلاة العصر "، كما جاء فى الصحيحين عن جرير بن عبد الله ان البجلى رضى الله عنه قال " كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر الى القمر ليلة البدر فقال انكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون فى رؤيته فان استطعتم الا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ هذه الآية ".

فقوله هنا ان هذا مرتبط بالصلاة ولا يستشكل هنا تفسير النبى صلى الله عليه وسلم فى التسبيح فى هذه الآية فى هذين الوقتين بصلاة الصبح وصلاة العصر فان التسبيح هو ذكر لله، والصلاة نوع من هذا الذكر بل هى افضل الذكر فى الحقيقة فتفسير النبى صلى الله عليه وسلم هو تفسير للشيء ببعض انواعه وهذا كان معروف عند العرب ومذكور فى احاديث النبى صلى الله عليه وسلم.

يقول العلامة السعدى فى تفسيره " ولهذا امر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على اذيتهم بالقول وامره ان يتعوذ من ذلك ويستعين عليه بالتسبيح بحمد الله فى هذه الاوقات الفاضلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وفى اطراف النهار اوله واخرهه وهذا عموم بعد خصوص ".

اذاً قوله سبحانه وتعالى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} قبل طلوع الشمس بعد اداء صلاة الفجر وقبل غروبها بعد اداء صلاة العصر.

قول الله تعالى فى سورة الاعراف {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) } [الأعراف]، فقول الله سبحانه وتعالى {وَاذْكُر رَّبَّكَ} هنا امر الله سبحانه وتعالى بذكره اول النهار واخره وقد قال العلامة الالوسى رحمه الله " بالغدو اى بالغدوات جمع غدوة و هى ما بين صلاة الغداة و طلوع الشمس ثم قال و الآصال ما بين العصر الى غروب الشمس "، هذا تفسير منه للمراد بالآية وكذا صنع العلامة السعدى فقال " بالغدو اول النهار و الآصال اخره وهذان الوقتان فيهما مزية وفضيلة على غيرهما ".

وذكر ابن الاعرابى وهو من علماء اللغة " ان الأصيل والآصال جمع اصيل هى العشى قال وهى ما بعد صلاة العصر الى الغروب " ولو راجعتم المعاجم والقواميس تجدوا مثلا مختار الصحاح يقول الأصيل هو الوقت بعد العصر الى المغرب اذن بالغدو والآصال فيه تعيين لهذا الزمان.

قول الله جل و علا {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ(55) } [غافر]، قال ابن كثير " العشى اواخر النهار واوائل الليل، والابكار اوائل النهار واواخر الليل "، وقال العلامة القاسمى فى قوله تعالى وسبح بحمد ربك بالعشى والابكار " قال كقول الله تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " المراد ان المقصود بالعشى والابكار هو الوقت قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.

أن النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه ابو داوود وحسنه الشيخ الالبانى من حديث انس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لأن اقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس احب الى من ان اعتق اربعة من ولد اسماعيل ولأن اقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس احب الى من اعتق اربعة " فتخصيص النبى صلى الله عليه وسلم هذين الوقتين فيه اشارة الى مزية الوقت نعم لم ينص النبى صلى الله عليه وسلم على اذكار الصباح والمساء صراحة الا ان المعنى فى الحديث يشملها فان الوقتين الذين عينهما النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث من الاوقات التى تقال فيها اذكار الصباح و المساء.

ولو تأملنا اقوال العلماء الستة التى مرت فى تعيين اوقات الصباح والمساء لوجدنا ان الوقتين المذكورين من بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس وبعد صلاة العصر الى غروب الشمس يدخلان ولا شك ضمن ما عينه سائر العلماء فهذا هو الوقت الاحوط حتى خروجا من الخلاف لكى تقال فيه اذكار الصباح و المساء