الشباب المسلم والسياحة الغربية حقائق وآراء

الوصف: مع اقتراب الإجازة الصيفية تتوالى عروض الشركات السياحية في الظ


صورة القسم 1


مع اقتراب الإجازة الصيفية تتوالى عروض الشركات السياحية في الظهور، وتحتل الإعلانات والبرامج السياحية مكانة كبيرة في الإعلام بأنواعه، ويبدأ الكثير من الشباب بالتوافد على هذه الشركات بحثًا عن المتعة والسفر والسياحة.
ومما يلفت الانتباه أن السياحة الخارجية تستحوذ على النصيب الأكبر من السياحة، بل إن السياحة إلى بلاد أوروبا وأمريكا تحتل المكانة العظمى عند كثير من الشباب، ففي دراسة أجريت في السعودية تبين أن إجمالي ما ينفقه المواطنون على السياحة الداخلية نسبة لا تتعدى 17% من إجمالي إنفاقهم الخارجي.
ومن العجب أن ما يقرب من ثلاثة ملايين سعودي ينفقون 30 مليار دولار سنوياً في قضاء إجازاتهم الصيفية خارج السعودية، وهو مبلغ ضخم جدا يمثل نسبة 15% من أرباح صادرات النفط. و‏هذه المبالغ الخيالية التي تنفق هنا وهناك لا ريب أنها تحتاج إلى وقفة تأمل من الشباب ولاسيما إذا كانت الوجهة لبلاد الغرب وأمريكا.

في السفر والسياحة فوائد جمة

إن في السياحة والسفر كما لا يشك أحد من الفوائد الشيء الكثير، ولكن السفر في الوقت نفسه يشتمل على سلبيات ومضار تقل وتكثر بحسب مكان السفر والغرض منه وما يتعلق بذلك.
يحدثنا الدكتور خالد القريشي (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ) عن بعض فوائد السفر فيقول:
1- انفراج الهم والغم: فمما عرف واشتهر بين الناس أن الملازم للمكان الواحد، أو الطعام الواحد قد يصاب بالسأم والملل منه، فتنتابه الرغبة في التجديد، وهذا حال بعض المقيمين، إذ قد يعتريهم ما يُضيّقُ صدورهم، ويغتمون به، فيصابون بالملل والسآمة ويحسون بالرتابة في حياتهم، فإذا سافر الواحد منهم تغيّرت الوجوه من حوله واختلفت المشاهد والأجواء عليه، فحينئذ يذهب همه وينشرح صدره.
2- اكتساب المعيشة: فإن من ضاق عليه رزقه في بلد نُصح بالسفر إلى بلاد أخرى طلباً للرزق، فالله سبحانه وتعالى يقول: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}. فكم من رجل سافر لاكتساب الرزق ففتح الله عليه.
3- ومنها تحصيل العلم: فقد كان أسلافنا ومن نقتدي بهم من الأنبياء والصالحين، يرتحلون في طلب العلم، ويقطعون المسافات الطويلة أحياناً لأجل سماع حديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- تحصيل الآداب: وذلك لما يُرى من الأدباء ولقاء العلماء والعقلاء الذين لا يردون بلده، فيكتسب من أخلاقهم ويقتدي بهم، فيحصل له من الأدب الشيء الكثير وتسمو طباعه.
5- صحبة الأمجاد: ويشهد لها الحس والواقع، فكم سافر إنسان فلاقى كرام الرجال وأطايبهم، فخالطهم وعاش معهم فاكتسب من آدابهم وأخلاقهم.
6 - استجابة الدعوة: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده" .
7- زيارة الأحباب من أقارب وأرحام وأصحاب، وهذا من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى.
8- رفع الإنسان نفسه من الذل، إذا كان بين قوم لئام: لأنه قد يكون مثلاً: صاحب دين وهم أهل فسق، أو غير ذلك فتسقط منزلته بينهم، وقد يستخفون به، فإذا فارقهم إلى بلد آخر صار في عزٍّ وارتفعت منزلته.

وللضرر والعيوب نصيب

وإذا كانت هذه هي مزايا السفر وفوائده بشكل عام فإن فيه أيضًا عيوبًا وأضرارًا يجملها الدكتور كمال القريشي فيما يلي:
1- الحرمان من لذة الطعام والشراب والنوم، والحرمان من الأهل والأحباب والانقطاع عنهم مما يهيج الشوق والحنين إليهم، فلا يقر للمسافر قرار، ولا يجد في قلبه الراحة، بل يشعر بوحشة الغربة، وحرقة الفراق.
2- أنه يظهر مساوئ الأخلاق: وقد قالوا: لا تعرف صاحبك حتى تعصيه، أو تسافر معه .
3- اختلاط الأمور على المسافر، فقد يظن العدو صديقاً، والصديق عدواً، ونحو ذلك .
4- كثرة النفقات والتكاليف: التي تشق على المرء وترهقه مادياً، كالإنفاق على وسائل المواصلات، أو على الأكل والشرب، أو على السكنى في الفنادق ونحوها.
5- الذل في الغربة: إذ العادة أن المسافر ذليل في دار غربته، لا يعرفه أحد، ولا يعرفون منزلته في أهله وبين قومه، وقد يخفى عليهم كونه من أهل العلم والفضل، أو من أهل الرأي والعقل، أو صاحب منزلة علمية معينة فيستخفون به، ولا تكون له عندهم قيمة.
6- كثرة المخاطر التي يتعرض لها المسافر: سواء من جهة اللصوص، أم الحوادث التي قد يتعرض لها في طريقه، أو الهوام الضارة في أثناء رحلته، وغيرها من الأخطار والصعاب التي تواجه المسافر.

وكما نرى فإن هذه الفوائد والمضار إنما هي في السفر بشكل عام وليس من اللازم أن تتوفر في جميع الأسفار، فقد تحتوي بعض الأسفار على نسبة كبيرة من الفوائد، وقد يكون العكس هو الصحيح فما هو موقف السياحة إلى البلاد الكافرة من هذا الأمر وما هو الحكم الشرعي لهذه السياحة.

عندما تتحول السياحة إلى شر ووبال

لنتدبر ونفكر بعقل في أمر السياحة إلى تلك البلاد الكافرة، وننظر في حال الشباب الذين ذهبوا إليها، ماذا استفادوا وكم خسروا، وقبل الحكم على الشيء لا بد من معرفة مميزاته وعيوبه وإيجابياته وسلبياته، وإذا كان السفر إلى البلاد الكافرة فيه بعض الفوائد من اطلاع على حضارة معينة وتقدم مادي، فإن هذه الفائدة والتي لا تكاد توجد غيرها، فيه من المضار الشيء الكثير.
وبنظرة سريعة نجد أن غالب أولئك الشباب الذين ذهبوا للسياحة في تلك البلدان قد حصل لهم ما يلي:
- تأثر عقيدتهم التي هي أعظم ما يمتلكه الإنسان في هذه الحياة الدنيا، وهي سبيل نجاته يوم القيامة، فإن الكفار لا يتركونهم دون أن يوقعوا في نفوسهم كثيرا من الشبهات التي تزعزع إيمانهم وتهز يقينهم بربهم، وهذا أمر مشاهد وملموس.
- ضياع كثير من القيم والأخلاق الفاضلة، فإن من ينظر إلى الفتيان والفتيات في المنتزهات والحدائق والشوارع قد تعروا من ملابسهم، وتبذلوا في كلماتهم، وتركوا الحياء جانباً والعفة خلفهم، لا شك أن ذلك له الأثر السيئ على الشاب، وهو من أسباب موت الغيرة في القلب شيئا فشيئا، فإن النفس إذا تعودت على شيء ألفته ولم تستنكره.
ويعترف كثير من الشباب أنه بسفره إلى تلك البلدان فقد لذة العبادة والطاعة والقرب من الله جل وعلا، خاصة مع فقدان شعائر الدين ا لظاهرة، والتي هو عون للمسلم وسكن لنفسه وراحة لقلبه. كما أنه من الملاحظ أن رهطاً كبيرا من الشباب قد انزلق إلى المحرمات والمنهيات، بل وفي كثير من الأحيان كان هذا السفر سببا في الوقوع في الكبائر والفواحش، وكم من شاب كان محافظا على شعائر دينه فذهب إلى هناك فترك الفرائض وضيع الواجبات وانتهك الحرمات والله المستعان.

هدر للوقت !

لو جلست مع هؤلاء العائدين من بعض تلك البلاد لوجدت غالب حديثهم ينم عن إعجاب بما عند الكفار من التقدم الحضاري، وإن كان على حساب الأخلاق والدين والعرض، فالكثير من هؤلاء الشباب قد عاد منبهرا بما عند هؤلاء من حضارة زائفة زائلة، ويظن أن ذلك كان بسبب تركهم للدين وانطلاقهم كالأنعام ترعى بلا قيود ولا ضوابط.
1- اسأل هؤلاء الشباب ما هي الفائدة الحقيقة التي جنوها من جراء هذا السفر وهذه السياحة، فلن تجد إجابة شافية غير أنه كان إضاعة للوقت الثمين وذهابا للعمر في غير فائدة، خاصة وأن كثيرا من هؤلاء الشباب لا يجعلون سفرهم للعبرة والموعظة والتذكير وإنما يجعلونه لتسريح الأفكار وتقليب الأنظار والانطلاق في الشهوات.
2- لو تفكرت في تلك الأموال التي تنفق هنا وهناك، وتضيع فيما يعود على الكفار بالقوة الاقتصادية والمالية، ويعود على المنفق بالضرر في الدين والدنيا، لعلمت أن هذا السفر قد احتوى الشر والهلاك، فهذا قد استدان ليسافر، وذاك قد أنفق ما جمع طيلة العام، وهكذا دواليك حتى يعود كثير من الشباب مفلسًا لا مال له ولا متاع، ولو كان هذا المال قد أنفقه في تجارة أو في مشروع أو جهز به نفسه أو حتى تبرع به لكان له من وراء ذلك خير كثير .
3- فقدان الأمن والأمان على النفس والمال والعرض فكيف يمكن للمرء أن يأمن في بلاد أقل ما فيها السرقة، وليس للدم عندهم قيمة، فأي لذة في سفر تعتريه المخاطر والحتوف ؟!

السياحة من منظور شرعي

هذه جملة من تلك المفاسد التي تراها في أولئك الشباب العائدين من هذه البلاد الغربية، ولك أن تتساءل الآن ما هو الحكم الشرعي في ذلك، وهل الشريعة الإسلامية تعرضت لهذا الأمر ؟
يؤكد فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح الخضيري (القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض) أن إهدار المال في السياحة والتفاهات كفر بنعمة الله، فإن هذا المال من نعم الله العظيمة ا لتي يبتلي الله بها عباده لينظر أيشركون أم يكفرون وقد قال سبحانه : "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " ، والشكر يكون بالمحافظة على هذا المال وإنفاقه فيما يعود بالنفع على النفس والآخرين.
ويحذر الشيخ الخضيري الشاب الذي يضيع أمواله في هذه البلاد من عقوبة الله جلا وعلا القائل في كتابه العزيز: "ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعُم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " ويضيف : إن السفر إلى بلاد الكفر محرم في الشريعة الإسلامية إلا لضرورة علاج أو مصلحة للإسلام والمسلمين فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين " رواه أبو داود وغيره .

القرآن والسنة يحذران من البقاء في بلاد الكفار

أما الدكتور عبد المحسن العسكر (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيقول : إن في قصة جرير بن عبد الله البجلي عبرة وعظة، لا بد للمسلم أن يتفكر فيها، فقد ثبت أنه قال : يا رسول الله بايعني واشترِط، فقال صلى الله عليه وسلم : " تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وأن تفارق المشركين" فانظر أيها المسافر كيف ألحق النبي صلى الله عليه وسلم مفارقة المشركين بأركان الإسلام ودعائمه العظام .
ويقول : إن الله جل وعلا ذكر في كتابه التحذير من الإقامة في بلاد الكفر والبقاء فيها فقال: " إن الذي توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جنهم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا "
فهؤلاء مسلمون في مكة بل هم من الصحابة أمرهم الله بالخروج من بلادهم لأنها بلاد كفر وكفار إذ ذاك، فلم يستجيبوا خوفا على أولادهم وأموالهم فحكم الله عليهم بهذا الحكم الشديد " فأولئك مأواهم جهنم " نعم هم في بلادهم ومسقط رؤوسهم وبلاد آبائهم من قبل. فكيف بمن يذهب إليهم وينفق أمواله عليهم فينفع شبابهم ورجالهم ويقوي اقتصادهم ويربح تجارتهم ؟! كل ذلك على حساب نفسه وأهله وإسلامه الذي هو في أمس الحاجة إلى هذا المال.

والجدير بالذكر أن اللجنة الدائمة للإفتاء التابعة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قد أصدرت فتوى بشأن السفر إلى بلاد الكفر بناء على سؤال وارد إليها عن حكم السفر للسياحة في البلاد الكافرة مع عدم الاختلاط بهم وقد انتهت اللجنة بعد البحث إلى ما يلي:
لا يجوز السفر لبلاد أهل الشرك إلا لمسوغ شرعي وليس قصد الفسحة مسوغاً للسفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"رواه أبو داود.
ولذلك ننصحك بعدم الذهاب لتلك البلاد ونحوها للغرض المذكور لما في ذلك من التعرض للفتن والإقامة بين أظهر الكفار ، وجاء في هذا المعنى أحاديث أخرى.
وأعضاء اللجنة هم فضيلة الشيخ عبدالله بن قعود وفضيلة الشيخ عبد الله بن غيدان وفضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ورئيس اللجنة سماحة الشيخ عبد لعزيز بن عبد لله بن باز (رحمه الله) (راجع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 2/68/فتوى رقم 4873 من المجلد الثاني )

السفر لقصد شرعي وهدف سام

وكل ما سبق إنما يتضمن السفر للسياحة والنزهة والتفرج، أما إذا كان هناك مسوغ شرعي للسفر، كما لو كان للتجارة مثلا، أو كان للتعلم والفائدة بحيث لا توجد هذه العلوم عند المسلمين، أو كان المقصود العلاج الطبي ونحو ذلك، فإن الشريعة الإسلامية قد أباحته، ولكن بضوابط ويمكن من تتبع كلام العلماء أن نجمل تلك الضوابط والشروط فيما يلي:
1- أن يكون لدى الإنسان علم يدفع به الشبهات، لأن الكفار هناك يوردون شبهات على الناس، تكاد تعصف بهم حتى يصرفوهم عن دينهم.
2- أن يكون عند الإنسان دين يمنعه من الوقوع في الشهوات المحرمة، خاصة وأنهم لا يبالون هناك بما يفعلون، وكل شيء عندهم مباح في الجملة .
3- أن يكون الإنسان محتاجا إلى السفر إلى تلك البلاد، إما لعلاج أو لعلم ليس في بلاده اختصاص فيه، أو للدعوة إلى الله أو لغير ذلك من الأمور التي يحتاج إلى السفر إلى بلاد الكفر من أجلها.
4- القدرة على إظهار الدين وعدم موالاة المشركين. فقد أجمع المسلمون على أن من لم يستطع إظهار دينه هناك حرم علي