دعوات مستجابات

الوصف: كل من عمل بالشروط، وابتعد عن الموانع، وعمل بالآداب، وتحرّى


صورة القسم 1

كل من عمل بالشروط، وابتعد عن الموانع، وعمل بالآداب، وتحرّى أوقات الإجابة، والأماكن الفاضلة فهو ممن يستجيب الله دعاءه، وقد بينت السنة أنواعاً وأصنافاً ممن طبق هذه الشروط واستجاب الله دعاءهم ومنهم:

1 ـ دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب:

عن أم الدرداء رضي الله عنها أنها قالت لصفوان: أتريد الحج العام؟ قال: فقلت: نعم، قالت: فادعُ الله لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ”دعوةُ المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل“

. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال المَلَكُ ولكَ بِمِثل

2 ـ دعوة المظلوم:

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن وساق الحديث وقال فيه: ”واتقِ دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب“

ومن هذه الإجابة قصة سعد رضي الله عنه مع أبي سعدة عندما قال لمن سأله عن سعد: ”أما إذ نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر، وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزُهُن“

وخاصمت أروى بنت أويس سعيد بن زيد رضي الله عنه عند مروان ابن الحكم وادعت عليه أنه أخذ من أرضها، فقال: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”من أخذ شبراً من الأرض بغير حقه طُوِّقه إلى سبعين أرضين“ ثم قال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها في دارها، قال: فرأيتها عمياء تتلمس الجدر تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه“

وأنشد بعضهم فقال:

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مُقتدراً

فالظلم آخره يأتيك بالندم

نامت عيونك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

3 ـ دعوة الوالد لولده.

4 ـ دعوة الوالد على ولده.

5 ـ دعوة المسافر:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ثلاث دعوات يُستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده“ وفي رواية أحمد والترمذي: ”على ولده“

فينبغي الحذر من دعوة هؤلاء، فإن دعوتهم مستجابة.

6 ـ دعوة الصائم:

عن أبي هريرة يرفعه: ”ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويَفتَحُ لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين“

7 ـ دعوة الصائم حتى يفطر.

8 ـ الإمام العادل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديثه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الجنة ونعيمها قال في آخره: ”... ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتُفَتَّحُ لها أبواب السماء، ويقول الربُّ عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين“

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يرفعه: ”إن للصائم عند فطره لدعوةً ما تُرد“

وعن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: ”ثلاثة لا يُردُّ دعاؤُهم: الذاكر لله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المُقسِط“

9 ـ دعوة الولد الصالح:

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: ”إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له“

10 ـ دعوة المستيقظ من النوم إذا دعا بالمأثور:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استُجيب [له] [فإن عزم فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته]

11 ـ دعوة المضطر:

قال الله تعالى: {أمَّن يُجيبُ المضطَرَّ إذا دعَاهُ ويكشِفَ السُّوءَ}

ومما يدل على أن من أقوى أسباب الإجابة الاضطرار حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحطت على فم الغار صخرة من الجبل أغلقت الغار عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله تعالى واسألوا الله بها لعله يفرجها عنكم، فدعوا الله تعالى بصالح أعمالهم فارتفعت الصخرة فخرجوا يمشون

وعن عائشة رضي الله عنها أن وليدة كانت سوداء لحيٍّ من العرب فأعتقوها فكانت معهم. قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت فوضعته أو وقع منها فمرت به حُديّاة وهو ملقى فحسبته لحماً فخطفته قالت: فطفقوا يفتشوا حتى فتشوا قُبُلها. قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحديّاةُ فألقته، قالت: فوقع بينهم. قالت: فقلت هذا الذي اتهمتموني به زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا، قالت فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت. قالت عائشة فكانت لها خباء في المسجد أو حفش قالت فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: لا تجلس عندي مجلساً إلا قالت:

ويوم الوشاحِ من تعاجيبِ ربِّنا

ألا إنه من بلدةِ الكفر أنجاني

قالت عائشة: فقلت لها: ما شأنك لا تقعدين معي مقعداً إلا قلت هذا؟ قالت: فحدثتني بهذا الحديث وهذا سبب إسلامها، فرب ضارة نافعة.

12 ـ دعوة من بات طاهراً على ذكر الله:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”ما من مسلم يبيتُ على ذكر الله طاهراً فيتعارَّ من الليل فيسأل الله خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه“

13 ـ دعوة من دعا بدعوة ذي النون:

قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}

عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”دعوة ذِي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيء قط إلا استجاب الله له“

14 ـ دعوة من أصيب بمصيبة إذا دعا بالمأثور:

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي وأَخْلِف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها“. قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف لي خيراً منه. رسول الله صلى الله عليه وسلم

15 ـ دعوة من دعا بالاسم الأعظم:

عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، قال فقال: ”والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعْطى“

وعن أنس رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى“

16 ـ دعوة الولد البار بوالديه:

عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وقال بيده نحو السماء فرفعهما. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا ربِّ أنَّى لي هذه؟ فيقول باستغفار ولدك لك“

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له“

ومن ذلك حديث الثلاثة الذين انحدرت عليهم الصخرة، فإن منهم رجلاً كان برَّاً بوالديه فتوسل بذلك العمل الصالح، فاستجاب الله دعاءه

ومن ذلك إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل التابعين، وأنه لو أقسم على الله لأبره، والسبب أن له والدة هو بها برٌ.

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل“

17 ـ دعوة الحاج.

18 ـ دعوة المعتمر.

19 ـ دعوة الغازي في سبيل الله:

لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله: دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم“

20 ـ دعوة الذاكر لله كثيراً:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”ثلاثة لا يُردُّ دُعاؤُهم: الذاكر لله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط“

21 ـ دعوة من أحبه الله ورضي عنه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره المؤت وأنا أكره مساءَتهُ“

وهذا المحبوب المقرب الذي له عند الله منزلة عظيمة إذا سأل الله شيئاً أعطاه، وإن استعاذ به من شيء أعاذه، وإن دعاه أجابه، فيصير مجاب الدعوة لكرامته على ربه عز وجل، وقد كان كثير من السلف الصالح معروف بإجابة الدعوة، وفي الصحيحين أن الرُّبيِّع بنت النضر كسرت ثنية جارية فعرضوا عليهم الأرش فأبوا، فطلبوا منهم العفو فأبوا، فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتُكسر ثنية الرُّبيِّع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فرضي القوم وأخذوا الأرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره“.

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”كم من ضعيف متضعَّف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك“

ولفظه عند الترمذي: ”كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤْبَهُ لهُ لو أقسم على الله لأبرَّه منهم البراء بن مالك“.

وكان الحرب إذا اشتدت على المسلمين في الجهاد يقولون: يا براء أقسم على ربك، فيقول: يا رب أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم، فَيُهزم العدو، فلما كان يوم تُستر قال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول شهيد، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً.