الشخصية الفاشلة
الوصف: خلق الله تعالى العباد وجعل أحوالهم جارية على سنن قدّرها وقضاها. فمن سنن الله تعالى، سنة ال
خلق الله تعالى العباد وجعل أحوالهم جارية على سنن قدّرها وقضاها. فمن سنن الله تعالى، سنة المداولة {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] فالفاشل قد ينجح.. والناجح قد يفشل.. تلك سنة جارية، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا!
ولذلك ليس الفاشل من يقع في الفشل.. فتلك سنة، إنما الفاشل من يقع فيه ثم هو يرتضيه.. قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء: 17- 18]
والشخصية الفاشلة تقف حجر عثرة أمام تقدم صاحبها ورقيه، وتبدل أفراحه أتراحاً، وتترك عمره بلا ثمر ولا حصيلة، ويحدد لها علماء النفس بعض السمات التي تتصف بها:
سمات الشخصية الفاشلة:
•
النظرة التشاؤمية
هي الغالبة عليها في كافة تصرفاتها وقناعاتها. باطنها مملوءة بالانتقام والعدوان، وفي أكثر الأحيان لا تستطيع أن تنفذ ما تريد، وينعكس ذلك في كلماتها وآرائها.
•
العزلة والانطوائية
:
صاحب هذه الشخصية لا يقيم علاقات اجتماعية مع الناس، فطابع العزلة والانفراد هو السمة الغالبة لديه، نتيجة عدم الرغبة في تحمل المسؤولية، وقد تكون تعبيراً عن الترفع والاعتداد بالنفس مما يدفعه إلى السلبية إلا إذا جاءت الأمور طبقاً لرغباته، وقد تكون صفة الانطوائية ناجمة عن شعوره بالنقص من الآخرين وما يولده ذلك من مشاعر العنف والقسوة تجاه ذاته ومعاقبتها لأنه لا يستطيع مجاراة الناس ممن يقدمون لبعضهم البعض أجمل الابتسامات والتمنيات بالخير عندما يلتقون، ويكنون لهم أعظم الأمنيات بالتوفيق، فصاحب الشخصية الفاشلة يضمر الكره بسبب عقدة النقص التي تلازمه، وعقدة الحقد على كل ما هو مفرح وناجح، فينعكس هذا السلوك السلبي على قسمات وجهه وإيماءاته التي يقرأها الناس، فيتخذ حينئذ العزلة والابتعاد والسلبية تجاه الآخرين.
•
موقف الحذر من المشاركة
فيما يهم الناس في أفراحهم و أحزانهم، حتى ولو كان بالتعبير السطحي، وإظهار مظهر من مظاهر المشاركة الوجدانية كما يفعل عامة البشر أثناء الأفراح أو المصائب والشدائد التي تبتلى بها عائلة ما.
•
ضعف الفعالية
في كافة مجالات الحياة، بل إنها شخصية لا ترى للنجاح معنى، أو ليس عندها مشروعاً اسمه النجاح، وتحاول إفشال مشاريع النجاح. لا تؤمن بمسيرة الألف الميل التي تبدأ بخطوة، بل ليس عندها همة الخطوة الأولى، ولهذا لا تتقدم ولا تحرك ساكناَ وإن فعلت في مرة توقفت مئات المرات. كما أنها لا ترى أن هناك فراغاً يجب أن تملأه وأن يكون لها دورا تؤديه.
•
عدم الانضباط والالتزام:
فليس للالتزام والانضباط معنى أو قيمة في قائمة أولوياتها، فلا تتأثر بالمواعظ ولا تلبي أي نداء ولا تسمع التوجيهات النافعة.
•
المشاغبة:
دائماً تقوم بدور المعوق والمشاغب بكل ما هو تحت تصرفها أو ضمن صلاحياتها.
•
كثرة الشكوى بلا مبرر
:
شخصية مطعمة بالحجج الواهية والأعذار
الخادعة بشكل مقصود. وهي دائمة الشكوى والاعتراض والعتاب والنقد الهدام. وإذا ناقشت موضوعا ما ناقشته بغضب وتوتر والانحيازية لذاتها ومصالحها.
إن الهمة العالية مطلب عظيم يتمناه أصحاب النفوس الكبيرة التي تتوق إلى المعالي، وقوة الإرادة هي وقود هذه الهمة العالية، فبدون هذا الوقود – بعد توفيق الله عز وجل – لن يتم لهذه الهمة منالها ومبتغاها، ولعل خير شاهد على ذلك همة العلماء وطلبة العلم وكيف أنهم استطاعوا تحقيق أعمال وكأنها أشبه بالخوارق، وكانت تلك الإرادة الصلبة التي رُدفت بهمة عالية طريقاً لذلك.
ومشكلتنا الشائعة أن البعض منا يتصور في نفسه قصوراً متوهماً، وكأن أصحاب الإنجازات ليسوا من البشر، فإذا نظر إلى حافظ القرآن، أو إلى طالب متفوق في دراسته، أو إلى مبتكر، أو إلى عالم، أو إلى خطيب، أو إلى أي إنسان متميز.. قلل من نفسه واتهم ذاته بعدم القدرة على مقارعة هؤلاء، واستمر على ما هو عليه في مكانه لا يتقدم إن لم يكن يتراجع! فهذا وأمثاله ندعوهم دعوة صادقة للتوكل على الله أولاً، ونفض غبار الأوهام وارتداء رداء قوة الإرادة بعزيمة تتهاوى معها كل المثبطات والعوائق، وسيلاحظون بإذن الله الفرق قريباً.
أننا نعيش جميعاً بواسطة التركيبات أو الأوامر الذاتية طيلة حياتنا، وأحياناً ما نعيش بتوكيدات سلبية مثل "أنني لا أجيد صنع شيء" أو "أنني لا أستطيع أن أتحدث أمام الجمهور"، أو "أن لي ذاكرة ضعيفة تنسى كثيراً".. وهكذا، فعقلنا الواعي بمثابة البستان، أما عقلنا اللاواعي «الباطن» فيمثل "البستان نفسه"، وأي شيء نزرعه أو نبذره في بستاننا سيثمر، والأفكار سرعان ما تتحول إلى واقع ملموس ..
إذا ما فهمنا هذا جيداً فسندرك أننا قد برمجنا عقولنا لكي تفكر بطريقة خاطئة، وبالتالي لكي نتقدم علينا أن نكتب توكيداً نصيغه على هيئة تصريح بما سنبرمج عليه أنفسنا في الواقع، بل نكتب عدة توكيدات لكل هدف، فإذا كنت -على سبيل المثال- تود أن تتحمل الناس أكثر فإنك ستكتب قائلاً: "إنني دائماً أتحمل الناس" أو " في كل يوم يمر عليّ أصبح أكثر تحملاً " .. وهكذا في كل أمر، وبذلك نتحرر من قيود الأفكار السلبية وانعكاساتها على واقعنا العملي.