نجوم لكنهم قدوة سيئة

الوصف:


صورة القسم 1

لطالما راودنا شعور أيام الصبا والمراهقة أن نغدو نجوماً في يوم من الأيام يشار إلينا بالبنان في حلنا وارتحالنا، أو نتلقى رسائل الإعجاب من هنا وهناك من المعجبين من شتى أنحاء العالم. وكم كنا حالمين أيام طفولتنا أن نصبح مثل المطرب الفلاني، أو مثل الممثل الفلاني، أو اللاعب الفلاني، تتصدر صورنا المجلات والجرائد وتكتب عنا الأخبار، وتنسج لأجلنا الحكايات والقصص حتى ولو كانت حكايات وقصصاً لا أساس لها من الصحة و مفبركة.وحلم الشهرة إلى اليوم لا أظنه بعيدا عن تطلعات أي كان من الشباب وحتى من غير الشباب، بل هناك من الشيوخ الذين غزا الشيب مفرقهم وزعزعت السنون ظهورهم من يعشقون الأضواء، ويحبذون الإطراء في المجلات والصحف، أما على شاشات التلفزيون فذاك أمر آخر فحدث عنه ولا حرج!!

وقد لمست ذلك مع كثير من الذين أجريت معهم مقابلات صحفية خلال السنوات الطويلة في عملي كصحفي، أن أغلبهم يتلهفون إلى رؤية صورهم وأسمائهم تطلع في أبهى حلة على الصفحة الأولى من الجريدة وهذا قبل أي حديث عن مضمون اللقاء أو ما سوف يحدثه هذا اللقاء من هدف، وما يحققه من مراد ومقصد، وهذا طبيعي جدا بحكم أن النفس البشرية تعشق وتميل إلى حب الظهور، لكن عندما يصبح الظهور من أجل الظهور فقط، أبطاله شيوخ فذاك يصبح مرضا يجب البحث عن علاج له على الفور.

ويبدو أن عدوى حب الظهور، وعدوى النجومية انتقلت من الوسط الفني وحتى من الوسط الإعلامي وإن بنسب متفاوتة لتمس شريحة واسعة من الناس لا سيما في العالم العربي، ومازلت أذكر أحد الدكاترة وهو من الإسلاميين عندما دار حديث بيني وبينه ضمن حوار كنت أجريه معه لصالح جريدة ....، ومما كشفه لي أنه لو لا التضييق الذي يمارس عليه على الفضائيات لما قبل بإجراء هذه المقابلة، لأن - بحسبه- الظهور ساعة على فضائية محترمة خير من مليون حوار من مثل الذي أنا أنوي القيام به، وصراحة أحسست بالحرج مع هذا الإسلامي الذي سارع إلى معالجة الأمر معي معتبراً أن مضمون كلامه يصب في خانة ردة فعل ما يقوله، أو بعبارة أدق أن وجوده على فضائية يمكنه من تمرير أفكاره- ويا لها من أفكار!- بسرعة فائقة ولملايين من الناس على عكس جريدة لا يقرؤها إلا كذا ألف، وقلت في نفسي إذا كان تفكير هذا الدكتور الإسلامي بهذه الطريقة فكيف يكون تفكير زمرة الفنانين والمغنيين، وما تبعهم من التابعين!!

وتساءلت بعد ذلك هل الشهرة والنجومية هي بهذا الشكل تنسي الإنسان المسلم واجبه وضميره و أن عطاءه هو لله وليس للبشر، لأن من أراد أن يعمل لوجه الله فلا ينتظر الشهرة ولا ينتظر من يوجه إليه الإطراء أو يمده بعسل الكلام، فما يعمله يجب أن يكون خالصا لوجهه سبحانه وتعالى.وأعجبني ما كنت قد قرأته للأديب الكبير علي الطنطاوي في مقال له منذ أكثر من ستين سنة ونيّف، يتحدث فيه عن الشهرة وعن شهرته كأديب على وجه التحديد ، يقول علي الطنطاوي"وما المجد الأدبي ؟ أهو أن يذكرك الناس في كل مكان وأن يتسابقوا إلى قراءة ما تكتب وسماع ما تذيع، وتتوارد عليك كتب الإعجاب وتقام لك حفلات التكريم؟لقد رأيت ذلك كله فهل تحبون أن أقول لكم ماذا رأيت فيه؟ رأيت سراباً، نعم سراب خادع، قبض الريح!(...) وإن لم يكتب لي الله على بعض هذا بعض الثواب أكن قد خرجت صفر اليدين!".هكذا كان تفكير الرجال الحقيقيين الذين عرفوا معنى الشهرة، أنها مجرد أوهام وأضغاث أحلام، لا ينجو منها إلا المؤمنون الحقيقيون، الذين عرفوا قيمة الحياة الحقيقية.

وهذا عن جانب الدعاة والأدباء فما بالنا عن جانب الصنف الآخر من الفنانين والفنانات، فالطامة أكبر، والمصاب جلل، وعلى الرغم من ذلك فهناك من هذه الزمرة الفاشلة من يظنون أنهم قدوة للمجتمع، وقدوة للأمة من غير منازع، وتعالوا نتتبع سيرتهم ، ونتعقب أخبارهم التي تفوح منها رائحة الفشل ورائحة الخسران المبين.ففي دراسة حديثة كشفت عنها صحيفة "القبس" الكويتية إن 84 % من الفنانات في العالم العربي يعانين مشاكل عائلية، وذكرت الإحصائيات الواردة فيها أن 50% من الفنانات مطلقات لمرة واحدة أو لعدة مرات، و6% قمن بفسخ خطبتهن، و15% تخطين سن الزواج ويتهددهن شبح العنوسة، و14% تطلقن وخضن تجارب فاشلة قبل أن يتزوجن ثانية، أما نسبة المستقرات عائليا فتبلغ 14% فقط، وشملت الدراسة أكثر من 100 شخصية فنية من لبنان ومصر والعالم العربي".

وأشارت الصحيفة إلى أن الطلاق الأسرع هذا العام، كان طلاق الفنانة اللبنانية (غ د)، التي تزوجت وتطلقت في غضون أسبوع واحد، اكتشفت خلاله أنها تسرعت في قرار زواجها، وأن اختيارها لم يكن في محله على حد قولها.
كذلك أعلنت الفنانة المصرية حنان ترك طلاقها من زوجها، في تأكيد للإشاعات التي كانت تطاردهما منذ زواجهما، غير أن هذه الإشاعة كانت صحيحة، وكان مبررها في الطلاق إصرار الزوج على إدخال كلب إلى منزل الزوجية ما اعتبرته حنان تدنيسا للمنزل، رغم أن كثيرا من الفنانات من يفضلن أن تنام الكلاب معها على سرير واحد من أن ينام معها زوج على سنة الله ورسوله.

وآخر ضحايا الخلع كان زوج الفنانة (أ) الكويتية من الموزع الموسيقي (ف)، الذي ظل متمسكا بنفي الإشاعة إلى أن أكدتها (أ) بالوثائق، حيث حضرت إلى المحكمة وانتزعت حقها بالطلاق بحجة أن زوجها يغار منها، وكانت (أ) قد خاضت تجربة الزواج الفاشل مع موزع موسيقي، وكان ثمن زواجها قطيعة مع والدها الذي بكاها في اتصال هاتفي ضمن حلقة "خليك بالبيت" كانت هي ضيفتها، من دون أن يرف لها جفن، وتأملوا العواطف الجياشة!!

حادثة طلاق أخرى شهدها الوسط الفني قبل سنة، وهي طلاق الفنانة(أ ص) من زوجها (أ ي) الذي كان مدير أعمالها، بعد أن كانا يحرصان على الظهور بمظهر الزوجين السعيدين. ولم تنته القصة عند هذا الحد، حيث تزوجت (أ ص) فور انتهاء عدتها من المخرج (ط ع)، ما استفز الزوج الذي سارع إلى شن حملة صحفية عنيفة عليها، وقبل مدة وجيزة أعلنت الممثلة (ح ش) طلاقها، ولا تزال الفنانة (ر م) تعيش تداعيات قصة طلاقها من زوجها وتنازعهما على حضانة طفلهما. وبينما تشير كل الدلائل إلى انفصال النجمة (ن ز)، واستقرارها النهائي في منزل والديها، لا تزال الفنانة وزوجها يرفضان التعليق على المسألة بانتظار أن تصبح رسمية.

هذه حال الوسط الفني وحال النجوم الذين تتراءى لنا صورهم وأناقتهم على الفضائيات، فنخجل من أنفسنا أننا لسنا في مستواهم، لكن عند الغوص في حياتهم الحقيقية على أرض الواقع نجدها حياة فاشلة تعيسة ، رغم أنهم يظنون أنهم يسعدون الناس وأي سعادة؟!
النجومية مرض قبل أن تكون شيئاً آخر، وعلى المستوى الشخصي هناك نجوم - أسميهم نجوم منطفئة- تراهم خير من أن تعرفهم أو تحتك بهم، وإن احتككت بهم فلربما أصابتك عدواهم وهل هناك شيء أكثر مرارة من أن يفشل إنسان في بناء أسرة. اسألوا الفنانين ونجوم التلفزيون قدوتنا في هذا العصر؟؟
___________
الشرق القطرية (بتصرف)